خطبة الجمعة 50: رسائل مهمة إلى الشباب
الخطبة الأولى:
بسم الله الرحمان الرحيم الحمدُ لله ، نحمدُه ونستعينه
ونستغفره ونستهديه ونعوذُ بالله من شرورِ أنفسنا ومن سيئاتِ أعمالنا، من يهْدِه
اللهُ فلا مضِلَّ له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا اللهُ وحده لا
شريك له وأشهد أنَّ سيدنا محمداً عبدُه ورسولُه بعثه اللهُ رحمةً للعالمين هادياً
ومبشراً ونذيراً، بلَّغَ الرسالة وأدَّى الأمانة ونصحَ الأُمّةَ، صلواتُ ربي
وسلامه عليه وعلى آله وصحبه أجمعين؛ )يَٰٓأَيُّهَا
اَ۬لذِينَ ءَامَنُواْ اُ۪تَّقُواْ اُ۬للَّهَ حَقَّ تُق۪اتِهِۦ وَلَا تَمُوتُنَّ
إِلَّا وَأَنتُم مُّسْلِمُونَۖ(، )يَٰٓأَيُّهَا اَ۬لنَّاسُ
اُ۪تَّقُواْ رَبَّكُمُ اُ۬لذِے خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٖ وَٰحِدَةٖ وَخَلَقَ مِنْهَا
زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاٗ كَثِيراٗ وَنِسَآءٗۖ وَاتَّقُواْ اُ۬للَّهَ
اَ۬لذِے تَسَّآءَلُونَ بِهِۦ وَالَارْحَامَۖ إِنَّ اَ۬للَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ
رَقِيباٗۖ (، )يَٰٓأَيُّهَا
اَ۬لذِينَ ءَامَنُواْ اُ۪تَّقُواْ اُ۬للَّهَ وَقُولُواْ قَوْلاٗ سَدِيداٗ يُصْلِحْ
لَكُمُۥٓ أَعْمَٰلَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْۖ وَمَنْ يُّطِعِ اِ۬للَّهَ
وَرَسُولَهُۥ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماًۖ (.
أما بعد عباد الله: خلَّدَ المغاربةُ في
الواحد والعشرين من هذا الشهر (شهر غشت) ذكرى عيد الشباب المجيد،
وقد أشرتُ في الخطبة الماضية أنها مناسبةٌ للاحتفالِ
بالشباب الذي هو عمادُ الأمةِ المغربية وأساسُ تطورها وتقدمها؛ لذلكمْ أحببتُ أن أُوَجِّهُ في
هذه الخطبة بعضَ الرسائل إلمُهمةِ إلى الشباب، سائلاً المولى عز وجلَّ أن ينفعنا
بها جميعا.
أَيُّهَا المسلمون والمسلمات:
إن
الشبابَ هُمْ عَصَبُ الأُمَّةِ وسواعِدُهَا القويةُ التي يُبْنَى عليها المستقبل؛ فأيُّ أُمَّةٍ لا تكونُ عظيمةً
ومُتَقَدِّمَةً إلاَّ بِشَبَابِها الذين يحمِلُونَ رايةَ العلمِ والمعرفة والقيم
السامية، ويكونونَ على دراية تامة بمسؤولياتهِمْ ودورِهِمْ في تحقيق تقدم وازدهار مُجتمعهم
وبلدهم؛ فإذا أردتَ أنْ تعرِف
مُستقبَلَ أُمَّةٍ فَانْظُرْ إلى شبابها، فإذا وجدته مؤمنا باللهِ، مُقبِلاً على
طاعة الله، مُقتديا برسول الله ﷺ، مُعَمِّرًا لِبُيُوتِ الله وأماكنِ العلم
والمعرفة، فاعلمْ أنَّ لِهَذِهِ الْأُمَّةِ غدًا مشرقًا بِالْعِزِّ والمجدِ؛ أمَّا إنْ وَجَدْتَ شبابهُ مُعْرِضًا
عن التقوى والطاعات، مُنْغَمِسًا في الرَّذَائِلِ والمُحَرَّمَات، غارقا في الْمَلَذَّاتِ
والشهوات، مُنْصَرِفًا إلى اللَّهْوِ والْمُنْكرات، مُبتعِدًا عن العلم والمعرفة، فاعلم
أنَّ هذهِ الأمَّةَ ستكونَ مُنْهَزِمَةً مُنْكَسِرَةً.
أَيُّهَا الشبابُ ذكورا وإناثا: إنَّ الله سبحانه وتعالى
قد مَنَّ عليكم بالشبابية التي هي أفضلُ وأطولُ مراحلِ العمر، فهي مرحلة حياتيةٌ تتميزُ
بالطاقة والحماس والإمكانيات؛
لذلكمْ ينبغي استغلالُها واستثمارُها من أجلِ تغييرِ واقعِكُم وواقعِ أُمَّتِكمْ
إلى الأفضل والأحسن، فلا تكونوا شبابا مُسْتَسْلِمًا مُنْهَزِمًا، بلْ شبابًا يتحدَّى
كلَّ الصِّعابِ والمُشكِلاتِ التي تُوَاجِهُهُ بحلولٍ مبتَكَرةٍ، مُقْتَديًا
بِشَباب الصحابة أمثالِ عليٍّ كرم الله وجهه الذي قدَّم روحه فداء للنبي ﷺ عندما
نامَ مكانَهُ في حدثِ الهجرة النبوية.
أيها الشبابُ: لا ينبغي في
هذه المرحلة الشبابية أن تَنْحَصِرَ أهدافُ حياتكم في تحقيق طموحاتكم الشخصيةِ فقط،
بلِ احرصوا أن تكونوا - أيضا - نماذجَ مُشرِقَةً في المجتمع من خلال تفانيكم في
خدمة الآخَرِين والعملِ من أجل الصالحِ العام ومنْ أجلِ تحقيق التغيير الإيجابي في
واقِعِكم؛ واعلموا أنَّ نجاحَ
الشبابِ لا يُقَاسُ بالمال والمكانة فقط، بلْ بِمَدَى إسهامِهِمْ في تقدُّمِ
المجتمع وخدمته في كلِّ المجالات والميادين.
أيها الشباب: كونوا شبابًا
فخورين بِهُوِيَّتِكُم وَدِينِكم، ولاَ تَنْسُوا أبدًا أُصولَكُم وقيمَكُمُ
الإسلاميةَ التي تحثُّ على العدالةِ والإحسانِ والتواصلِ الإيجابي مع الآخرين، مُقتَدِينَ
بِفِتْيَةِ أهلِ الكهفِ الذينَ قال فيهم ربُّنا سبحانه وتعالى في سورة الكهف: ) إِنَّهُمْ
فِتْيَةٌ اٰمَنُواْ بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَٰهُمْ هُديٗۖ وَرَبَطْنَا عَلَيٰ
قُلُوبِهِمُۥٓ إِذْ قَامُواْ فَقَالُواْ رَبُّنَا رَبُّ اُ۬لسَّمَٰوَٰتِ
وَالَارْضِ لَن نَّدْعُوَاْ مِن دُونِهِۦٓ إِلَٰهاٗ لَّقَدْ قُلْنَآ إِذاٗ
شَطَطاًۖ( الآيتان 14 -15.
اللهم ثَبِّثْ شبابنا على دينك وَجَنِّبْهُمْ
الفِتَنَ ما ظهر منها وما بطن، نفعني الله وإياكم بالقرآن العظيم وبحديث سيد
الأولين والآخرين، وغفر لي ولكم ولجميع المسلمين، آمين، والحمد لله رب
العالمين.
الخطبة الثانية:
الحمد لله ربِّ العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا
محمدا عبده ورسوله صلى الله وسلم عليه وعلى آله وصحبه، وعلى التابعين لهم بإحسان إلى
يوم الدين.
أما بعد، تعلموا - أيها الشباب - دينَكم جيدًا واسعَوْا
جاهدين في اكتساب المعرفة والعلم، فالعلمُ هو السلاح الأقوى لتحقيقِ التقدم
والتفوق ومُوَاجَهَةِ تَحَدِّيَاتِ الحياةِ ومُشْكِلاَتها، ولا تَدَّخِرُوا جُهدًا
في تطوير أنفسكم بشكلٍ مستمرٍ، سواءً في مجالات العلم التقليدي أو التكنولوجيا
الحديثة، وَاسْتَغِلُّوا وَقْتَكُمْ
بِشَكْلٍ فَعَّالٍ في الاطلاع على مجالات متعددة وتطوير مهاراتكم.
أيها الشباب: لاَ
تنسَوْا أبدًا قوةَ الأخلاق والأدبِ في تعاملكم مع الناس، تحلَّوْا بالاِحترامِ
والتواضعِ والتعاطفِ معَ مَنْ حولَكم، وتذكروا أنَّ الكلمة الطيبة والابتسامةَ
قادرةٌ على تغيير حياة الآخرين وكَسْبِ مَحَبَّتِهم؛ لذلكمْ حثَّ الله تعالى نبيه المصطفى صلى الله عليه
وسلم على ذلك في قوله تعالى: )فَبِمَا
رَحْمَةٖ مِّنَ اَ۬للَّهِ لِنتَ لَهُمْۖ وَلَوْ كُنتَ فَظّاً غَلِيظَ اَ۬لْقَلْبِ
لَانفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَۖ (سورة آل عمران -الآية: 159، وكذلكمْ حثَّنا النبي صلى
الله عليه وسلم على ذلك في الحديث الذي أخرجه ابن حبان في صحيحه عن أبي ذر
الغِفاري - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: )تبسُّمُكَ في وجهِ أخيكَ صدقةٌ(.
فاللهم ثبّتْنا على
دينك وأعِنَّا على طاعتك وطاعةِ نبيِّكَ... اللهم لك الحمد حتى ترضى ولك الحمد إذا رضيت
ولك الحمد بعد الرضى ولك الحمد على كل حال.. اللهم إنا نحمد ونشكرك أن
جعلتنا من عبادك المسلمبن الموحدين، وجعلتنا من أمة سيدنا محمد صلى الله عليه وعلى
آله وسلم...
اللهم صلِّ على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد كما صليت على
سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم، وبارك اللهم على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا
محمد كما باركت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم في العالمين إنك حميد
مجيد...وارضَ اللهم عن
الخلفاء الراشدين المهديين أبي بكر وعمر وعثمان وعلي وعن الصحابة والتابعين ومن
تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
اللهم وفق عاهل المغرب الملك محمد السادس إلى
ما تحب وترضى وارزقه البطانة الصالحة المصلحة التي تعينه على ما كلفته به من أمور
المسلمين وأَرِهِ الحق حقا وارزقه اتباعه وأَرِه الباطل باطلا وارزقه اجتنابه، وشُدَّ أزره بولي عهده
المولى الحسن
وبأخيه المولى الرشيد.
وارْحَمِ
اللهم المَلِكَيْنِ المُجاهدين عبدَك الملكَ محمدا الخامس وعبدك الملكَ الحسن
الثاني، اللهم طَيِّبْ ثَراهما واغفِرْ لهما، وارْحمِ اللهم كل آبائنا وأجدادنا
الذين ضَحَّوْا بأرواحهم وأموالهم فداءً لتحريرِ هذا الوطن.
اللهم اجعل بلدنا هذا بلدًا رخاءً آمنًا من كل
سوء وكيدٍ وكلَّ بلادِ المسلمين، وانصر اللهم الإسلام والمسلمين في كل مكان يارب
العالمين.
اللهم أصلح أطفالنا وشبابنا وشيوخنا ورجالنا
ونساءنا وأساتذتنا وعلماءنا وقضاتنا وكلَّ من وليته أمرا من أمور المسلمين واهدنا
جميعا إلى طريق الخير والفلاح والصلاح....
اللهم مَنْ كان من الحاضرين له طلبٌ فاقْضِهِ له .. ومن كان مريضا فاشْفِهِ
.. ومن كان مبتلىً فَعَافِهِ .. ومن كان مدينًا فاقضِ عنه دينه...
اللهم ارحمْ موتانا وموتى المسلمين وألحقنا بهم
مسلمين موحدين يا أرحم الراحمين يا رب العالمين... ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن
من الخاسرين.. ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي
الآخرة حسنة وقِنا عذاب النار... سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب
العالمين.
تعليقات
إرسال تعليق