القائمة الرئيسية

الصفحات


 

خطبة الجمعة 22: حقيقة الإسلام – الدين المعاملة -

الخطبة الأولى:

      بسم الله الرحمان الرحيم الحمدُ لله، نحمدُه ونستعينه ونستغفره ونستهديه ونعوذُ بالله من شرورِ أنفسنا ومن سيئاتِ أعمالنا، من يهْدِه اللهُ فلا مضِلَّ له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا اللهُ وحده لا شريك له وأشهد أنَّ سيدنا محمداً عبدُه ورسولُه بعثه اللهُ رحمةً للعالمين هادياً ومبشراً ونذيراً، بلَّغَ الرسالة وأدَّى الأمانة ونصحَ الأُمّةَ، صلواتُ ربي وسلامه عليه وعلى آله وصحبه أجمعين؛ ) يَٰٓأَيُّهَا اَ۬لذِينَ ءَامَنُواْ اُ۪تَّقُواْ اُ۬للَّهَ حَقَّ تُق۪اتِهِۦ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنتُم مُّسْلِمُونَۖ (، ) يَٰٓأَيُّهَا اَ۬لنَّاسُ اُ۪تَّقُواْ رَبَّكُمُ اُ۬لذِے خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٖ وَٰحِدَةٖ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاٗ كَثِيراٗ وَنِسَآءٗۖ وَاتَّقُواْ اُ۬للَّهَ اَ۬لذِے تَسَّآءَلُونَ بِهِۦ وَالَارْحَامَۖ إِنَّ اَ۬للَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباٗۖ (،  )يَٰٓأَيُّهَا اَ۬لذِينَ ءَامَنُواْ اُ۪تَّقُواْ اُ۬للَّهَ وَقُولُواْ قَوْلاٗ سَدِيداٗ يُصْلِحْ لَكُمُۥٓ أَعْمَٰلَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْۖ وَمَنْ يُّطِعِ اِ۬للَّهَ وَرَسُولَهُۥ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماًۖ (.

        أما بعد عباد الله:  كثيرٌ من الناس – اليوم – يظُنُّونَ أن الدين مختصَرٌ في أداء العبادات المفروضة عليه من صلاة وصوم وزكاة وحج فقط؛ لذلك تُلاحِظُ عند أغلبِـهِمْ حرصًا شديدا في القيام بهذه العبادات بل وربما الاجتهاد حتى في فعلِ النوافل – وهذا كله أمرٌ طيب - ، لكنك حينَ تنظُرُ إلى حالهم في التعامل مع الناس في أسواقهم وفي خصوماتهم وفي جميع شؤون حياتهم فإنك ترى العَجَبَ العُجاب ( غِشٌّ في البيع والشراء – فُجُورٌ في الخُصُومة – غيبة ونميمة – كذبٌ وبهتان – نُكرانٌ للجميل – غَدْرٌ بالعهود – حسدٌ وبغضاء – أَذِيَّةٌ للقريب والبعيد – قطعٌ للأرحام – عقوقٌ للوالدين – غيابٌ للعدل والإنصاف – جشعٌ وطمعٌ – تعاونٌ على الإثم والعدوان.....)؛ فهل عرَ فَ هؤلاء حقيقة الدين؟ وأين هؤلاء من الإسلام الحقيقي الذي دعانا إليه ربُّنا سبحانه وتعالى، وبيَّنهُ نبيُّنا الكريم صلى الله عليه وسلم عَمَليَّا في معاملته لأهل بيته ولأصحابه ولجيرانه وحتى لأعدائه ومن يدينون بدينٍ آخر بل وحتى مع الحيوان والجماد.

        أيها الإخوة المؤمنون: إنَّ المسلم الذي عرف حقيقة الإسلام لا يكذبُ، لأنه يعلمُ أن الكذبَ يهدي إلى الفجور وأن الفجورَ يهدي إلى النار؛ جاء في الحديث  الصحيح المتفق عليه عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ) .... وإياكم والكذب، فإن الكذب يهدي إلى الفجور، وإن الفجور يهدي إلى النار، وما يزال الرجل يكذب ويَتَحَرَّى الكذب حتى يكتب عند الله كَذَّابا(.

        أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ والمؤمنات: إنَّ المسلمَ الذي عرفَ حقيقة الإسلام لا يغِشُّ ولا يُخادعُ ولا يغدرُ، لأنه يعلم أن هذه ليست صفاتُ أهل الإسلام؛ مَرَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في السوقِ على صُبْرَةِ طعامٍ فأدخل يده فيها، فنَالَتْ أصابِعُهُ بَلَلاً، فقال: " ما هذا يا صاحبَ الطعام؟ "، قال يا رسول الله أصابته السماء – يعني المطر -، قال: " أفلا جعلته فوق الطعامِ حتى يراه الناسُ، من غش فليس مِنِّي "  رواه الإمام مسلم في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه.

        أَيُّهَا المسلمون والمسلمات: إن المسلمَ الذي عرف حقيقة الإسلام لا يحسُدُ ولا يبغَضُ أحدا، لأنه يرضى بما قسَمَ الله له، ولأنه يعلم أن الجنة لا يدخلها إلا المؤمنون الـمُتَحابون؛ عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ) لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا، ولا تؤمنوا حتى تحابوا، أوَلا أَدُلُّكُمْ على شيء إذا فعلتموه تحاببتم؟ أفشوا السلام بينكم( رواه الإمام مسلم.

        أحبتي الكرام: إن الذي عرف حقيقة الإسلام لا يُؤذي أخاهُ المسلم بقول أو فعل، ولا يمشي بين الناس بالغيبة والنميمة، بل يسعى دائما إلى الإصلاَحِ بين الناس؛ عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ) المسلمُ من سَلِمَ المسلمون من لِسانه ويدهِ.. والمؤمنُ من أَمِنَهُ الناسُ على دمائهم وأموالهم ( أخرجه الترمذي باختلاف يسير، والنسائي وأحمد واللفظ لهما.

فاللهم اجعلنا من عبادِكَ الذين يُحْسِنُونَ معاملة الناس، آمين، و الحمد لله رب العالمين.

الخطبة الثانية:
          الحمد لله المُعِزِّ من أطاعه واتقاه والمُذِلِّ لِـمَن خالف أمره وعصاه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله صلى الله وسلم عليه وعلى آله وصحبه، وعلى التابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.

          أما بعد عباد الله: إنَّ الذي عرف حقيقة الإسلامِ يجتنبُ البُخلَ والشُّحَّ ويؤثرُ إخوانه المسلمين على نفسه ولو كان به فقر وحاجة، ويُحِبُّ لأخيه المُسلم ما يُحبُّ لنفسه، ويُعاملُ الناس كما يُحبُّ أن يُعاملوه به؛ جاء في الصحيحين عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: )  لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه(.

       أيها الإخوة المؤمنون: إنَّ الإسلامَ دينُ الرحمة والرِّفقِ والسلامِ والأُخوة والتعاونِ على الخير؛ دينُ السَّماحة والمحبة؛ دينُ الرحمة بالصغير وتوقيرِ الكبير؛ دينُ العطف على الأيتام والمساكين، دينُ يدعو إلى الأخلاق الحسنة والتعامل الحسن مع كل الناس.

       فكن – أخي المسلم أختي المسلمة – سَمْحًا ليِّنًا سهلا مع كل الناس لتكون حقيقة تتمثل دين الإسلام؛ وتذكَّرْ أن ديننا العظيمَ يُثِيبُ الإنسان المسلم على إلقاء التحية على من عرفت ومن لا تعرف، وعلى زيارة المرضى ، وعلى تقديم الهدية، وعلى التَّبَسُّمِ في وجه أخيك، وعلى الكلمة الطيبة؛ واعلمْ أنه دخل إلى الإسلام عددٌ كثيرٌ من الناس  بسبب حُسنِ المعاملة من مسلم عرف حقيقة الإسلام، وَ صُدَّ عن الدخول في الإسلامِ كثير من الناس بسبب سوء المعاملة من مسلم ما عرفَ حقيقة الإسلام.      

فاللهم ارزُقنا حُسنَ الالتزام بدينك وشريعتك... اللهم لك الحمد حتى ترضى ولك الحمد إذا رضيت ولك الحمد بعد الرضى ولك الحمد على كل حال..

اللهم إنا نحمد ونشكرك أن جعلتنا من عبادك المسلمبن الموحدين، وجعلتنا من أمة سيدنا محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم... اللهم صلِّ على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد كما صليت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم ، وبارك اللهم على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد كما باركت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم في العالمين إنك حميد مجيد...

وارض اللهم عن الخلفاء  الراشدين المهديين أبي بكر وعمر وعثمان وعلي وعن الصحابة والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

اللهم وفق عاهل المغرب الملك محمد السادس إلى ما تحب وترضى وارزقه البطانة الصالحة المصلحة التي تعينه على ما كلفته به من أمور المسلمين وأَرِهِ الحق حقا وارزقه اتباعه وأَرِه الباطل باطلا وارزقه اجتنابه، وشُدَّ أزره بولي عهده المولى الحسن وبأخيه المولى الرشيد.

اللهم أصلح أطفالنا وشبابنا وشيوخنا ورجالنا ونساءنا وأساتذتنا وعلماءنا وقضاتنا وكلَّ من وليته أمرا من أمور المسلمين واهدنا جميعا إلى طريق الخير والفلاح والصلاح.

اللهم اجعل بلدنا هذا بلدًا رخاءً آمنًا من كل سوء وكيدٍ وكلَّ بلادِ المسلمين، وانصر اللهم الإسلام والمسلمين في كل مكان يارب العالمين.

اللهم إنَّا ندعوك في أحسن الأيام عندك وهو يوم الجمعة وفي أحبِّ البيوتِ إليك وهو بيتك الكريم ، اللهم مَنْ كان من الحاضرين  له طلبٌ فاقْضِهِ له .. ومن كان مريضا فاشْفِهِ .. ومن كان مبتلىً فَعَافِهِ .. ومن كان مدينًا فاقضِ عنه دينه...

اللهم ارحمْ موتانا وموتى المسلمين وألحقنا بهم مسلمين موحدين يا أرحم الراحمين يا رب العالمين...

 ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين.. ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقِنا عذاب النار... سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين.

كتب الخطبة العبد الفقير إلى الله الأستاذ لعبيد محمد ياسين، خطيب مسجد السنة بفاس وأستاذ مادة التربية الإسلامية للثانوي التأهيلي، وذلك يومه الخميس 18 شوال 1443ه الموافق 19 ماي 2022م.


تعليقات

التنقل السريع