القائمة الرئيسية

الصفحات

خطبة الجمعة: ذكرى تقديـم وثيقة المطالبة بالاستقلال – دروس وعبر -


خطبة الجمعة7: ذكرى تقديـم وثيقة المطالبة بالاستقلال – دروس وعبر -

الخطبة الأولى:

                   بسم الله الرحمان الرحيم الحمد لله، نحمدُه ونستعينه ونستغفره ونستهديه ونعوذُ بالله من شرورِ أنفسنا ومن سيئاتِ أعمالنا، من يهْدِه اللهُ فلا مضِلَّ له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا اللهُ وحده لا شريك له وأشهد أنَّ سيدنا محمداً عبدُه ورسولُه بعثه اللهُ رحمةً للعالمين هادياً ومبشراً ونذيراً، بلّغ الرسالة وأدّى الأمانة ونصحَ الأمّةَ، صلواتُ ربي وسلامه عليه وعلى آله وصحبه أجمعين:

          أما بعد عباد الله: في الحادي عشر من يناير من كل سنة يحتفل المغاربة بذكرى تقديم وثيقة المطالبة بالاستقلال، تلكم الوثيقةُ التاريخية التي تقدمت بها الحركة الوطنية إلى السلطات الاستعمارية بتوجيه من الملك المغفور له محمد الخامس طيب الله ثراه، وبمعية وارثِ سره المغفور له الحسن الثاني رحمه الله، وبهذه المناسبة الوطنية سيكون موضوع خطبتنا لهذه الجمعة بحول الله وقوته عن ذكرى تقديم وثيقة المطالبة بالاستقلال - دروس وعبر -.

       أخوة الإيمان: لقد كان لتقديم وثيقة المطالبة بالاستقلال الأثر البالغَ والعميق في مختلف جهات المملكة، إذ تلَتْـها صياغةُ عرائضَ التأييد ونزلت جماهيرٌ غفيرةٌ إلى الشوارع في مظاهرات للتأييد، أشهرها مظاهرة 29 يناير 1944 والتي سقط فيها عدة شهداء برصاص قوات الاحتلال.

       أيها الإخوة المؤمنون: إذا كان آباؤنا وأجدادنا قد قدّموا  الغالي والرخيص من أجل تحرير هذا الوطن من أيدي المُحتلِّينَ، فإنه يجب علينا على الأقل في حقهم أن نتذكر مفاخر أعمالهم العظيمة وبطولاتهم الجسيمة من أجل تحرير البلاد والعباد، بل وينبغي أن نُذكِّر بذلك أبناءنا وأحفادنا حتى يكونوا على علم ومعرفة بتاريخ بلادهم وإنجازات أجدادهم.

       عباد الله: إن المؤمن الفطنَ هو الذي يستفيد من قراءة التاريخ ويأخذُ منه الدروس والعبر، وإن هذا الحدث يمكن أن نستفيد منه ما يلي:

أولا: أنها ذكرى ترمز إلى التلاحم بين العرش والشعب، وإلى الوحدة المتواصلة بين الراعي والرعية القائمة على الاعتصام بحبل الله المتين والتمسك بدينه القويم، مصداقا لقول الله تعالى: "واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا " سورة آل عمران الآية103، فهذا التلاحم بين الملك والشعب ينبغي أن يبقى مستمرا وذلك لضمان استقرار وطننا الحبيب والعيش فيه بأمان.

ثانيا: نتعلم من هذا الحدث مدى حبِّ الملك وشعبه لهذا البلد ومدى تفانيهم وتضحيتهم في الدفاع عنه، وهذا هو المطلوب منا اليوم أن يكون عندنا هذا الحرصُ الكبير  من أجل الدفاع عن الوطن في حال تعرُّضِه للاعتداء و التصدي سويا لكل من سوَّلتْ له نفسه الاعتداء ولو على شبر واحد من أرضِنا.

ثالثا: نتعلم منه  أيضا أن تحقيق التقدُّم والرقي والازدهار لهذا الوطن متوقِّفٌ على تعاون وتضامن وتشارك كل مكونات الوطن وأفراده كل من موقعه، ولذلكم يبقى الاحتفال بهذه الذكرى مناسبةً لإذكاء روح التعاون والتضامن والإخاء بين كل مكونات هذا الوطن,

رابعا: نستفيد من هذا الحدثِ الذي بسببه حقق المغرب استقلاله من أيدي الاستعمار الغاشم، أنه لا بد من اليقين دائما في فرجِ الله وأنه بعد العسر يأتي اليُسر ، وأنه بعد الشدة يأتي الرخاء، لكن إن نحن كنا نؤمن بقدرة الله المطلقة في نصرنا على أعدائنا وفي إخراجنا من كل الأزمات التي يمكن أن تصيبنا، وهذا هو الواجب على كل مؤمن مهما اشْتَدَّتِ الأزمات والكرُبَات أن يبقى عنده دائما هذا اليقين في الله وأن يستحضر قول الله عز وجل في سورة الطلاق: " سيجعل الله بعد عُسْرٍ يُسرا " الآية7، وقوله سبحانه في سورة الشرح: " فإن مع العسر يسرا إن مع العسر يسرا " الآيتان5-6، فقط علينا بالعمل والأخذ بالأسباب ثم التوكل على الله تعالى واليقين فيه الجازم، ومن كان الله معه فمن عليه.

أسْأَلُ اللهَ تَعَالَى أَنْ ينفعنا بما سمعنا وأن يَهدينا إلى الصواب وطريق الرشاد، أقول ما تسمعون وأستغفر الله لي ولكم فاستغفروه إنه الغفور الرحيم.

 

 الخطبة الثانية:
          الحمد لله أمرنا بالإيمان واليقين والإحسان، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا محمدا عبد الله ورسوله بعثه الله هاديا وبشيرا ونذيرا وداعيا إلى الله بإذنه وسراجا منيرا ،صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم تسليما كثيرا إلى يوم الدين.

       أما بعد عباد الله: لقد كان لآبائنا وأجدادنا وعلى رأسهم الـمَلِكُ المجاهدُ محمد الخامس طيَّب الله ثراه قوة اليقين في الله وصدق التوكل عليه، فأخذوا بكل الأسباب من أجل طرد المستعمِر من أرضنا، فتحقَّقَ لهم ذلك بفضل الله ونصره وأخذ المغرب استقلاله سنة 1956م، وسار على هذا النهجِ القويم المتين الملكُ المغفور له الحسن الثاني رحمه الله مستكملا معركة حماية وحدتنا الترابية والدفاعِ عن كل المقدسات الدينية والوطنية.

وها هو الملك محمد السادس حفظه الله يقود قطار الجهاد الأكبر جهادِ التنمية وبناء الوطن بحكمته وحنكته، يواصل بعزيمة الأبطال مسيرة الأعمال التي تتمثل في الإنجازات الإنمائية في مختلف الميادين العلمية والثقافية والاجتماعية والعمرانية والاقتصادية وغيرها، من أجل رفاهية شعبه وراحة رعيته، حاملا مشعل النهضة في ظل المثل العليا والقيم الخالدة، سدَّدَ الله خُطَاه وأمَدَّ في عمره، وَرَزَقَهُ البطانة الصالحة المصلحة التي تعينه على ما كُلِّفَ به من أمور المسلمين، وأَنْ يُرِهِ الحق حقا ويرزُقَهُ اتباعه وَيُرِهِ الباطل باطلا وَ يَرْزُقَه اجتنابه، وَأن يَشُدَّ أزره بولي عهده المولى الحسن وبأخيه المولى الرشيد.

 اللهم إنا نسألك أن تُوَحِّد قلوب المسلمين على دينك وأن تردُّنا إلى دينك ردًّا جميلا... اللَّهُمَّ أَعِزَّ الإِسْلاَمَ وَالْمُسْلِمِينَ، وَوَحِّدِ اللَّهُمَّ صُفُوْفَهُمْ، وَاجمع كلمتهم عَلَى الحق، وَاكْتُبِ السَّلاَمَ وَالأَمْنَ لِعَبادك أجمعين.

اللهم لك الحمد حتى ترضى ولك الحمد إذا رضيت ولك الحمد بعد الرضى ولك الحمد على كل حال..

اللهم لك الحمد كله ولك الشكر كله، اللهم إنا نحمد ونشكرك أن جعلتنا من عبادك المسلمبن الموحدين، وجعلتنا من أمة سيدنا محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم.

اللهم صلِّ على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد كما صليت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم ، وبارك اللهم على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد كما باركت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم في العالمين إنك حميد مجيد...

وارض اللهم عن الخلفاء  الراشدين المهديين أبي بكر وعمر وعثمان وعلي وعن الصحابة والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

اللهم اهدنا فيمن هديت، وعافنا فيمن عافيت، وتولنا فيمن توليت، وبارك لنا فيما أعطيت، وقنا واصرف عنا شر ما قضيت، فإنك تقضي بالحق، ولا يُقضى عليك، وإنه لا يذل من واليت، ولا يَعِزُّ من عاديت، تباركت ربنا وتعاليت، لك الحمد على ما قضيت، نستغفرك اللهم ونتوب إليك.

اللهم أصلح أطفالنا وشبابنا وشيوخنا ورجالنا ونساءنا وأساتذتنا وعلماءنا وقضاتنا وكلَّ من وليته أمرا من أمور المسلمين واهدنا جميعا إلى طريق الخير والفلاح والصلاح.

اللهم فرج هَمَّ المهمومين ونَفِّسْ كرب المكروبين واقضِ الدين عن المدينين واشف مرضانا ومرضى المسلمين، وارحمِ اللهم موتانا وموتى المسلمين وألحقنا بهم مسلمين موحدين يا أرحم الراحمين يارب العالمين...

ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين.. ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقِنا عذاب النار.

سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين.

 

كتب الخطبة العبد الفقير إلى الله الأستاذ لعبيد محمد ياسين، خطيب مسجد السنة بفاس وأستاذ مادة التربية الإسلامية للثانوي التأهيلي، وذلك يومه الخميس 03 جمادى الآخرة 1443ه الموافق 06 يناير 2022م.

تعليقات

التنقل السريع