القائمة الرئيسية

الصفحات


 

خطبة الجمعة 49: ذكرى ثورة الملك والشعب وعيد الشباب المجيد

الخطبة الأولى:
      بسم الله الرحمان الرحيم الحمدُ لله ، نحمدُه ونستعينه ونستغفره ونستهديه ونعوذُ بالله من شرورِ أنفسنا ومن سيئاتِ أعمالنا، من يهْدِه اللهُ فلا مضِلَّ له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا اللهُ وحده لا شريك له وأشهد أنَّ سيدنا محمداً عبدُه ورسولُه بعثه اللهُ رحمةً للعالمين هادياً ومبشراً ونذيراً، بلَّغَ الرسالة وأدَّى الأمانة ونصحَ الأُمّةَ، صلواتُ ربي وسلامه عليه وعلى آله وصحبه أجمعين؛ )يَٰٓأَيُّهَا اَ۬لذِينَ ءَامَنُواْ اُ۪تَّقُواْ اُ۬للَّهَ حَقَّ تُق۪اتِهِۦ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنتُم مُّسْلِمُونَۖ(، )يَٰٓأَيُّهَا اَ۬لنَّاسُ اُ۪تَّقُواْ رَبَّكُمُ اُ۬لذِے خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٖ وَٰحِدَةٖ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاٗ كَثِيراٗ وَنِسَآءٗۖ وَاتَّقُواْ اُ۬للَّهَ اَ۬لذِے تَسَّآءَلُونَ بِهِۦ وَالَارْحَامَۖ إِنَّ اَ۬للَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباٗۖ (، )يَٰٓأَيُّهَا اَ۬لذِينَ ءَامَنُواْ اُ۪تَّقُواْ اُ۬للَّهَ وَقُولُواْ قَوْلاٗ سَدِيداٗ يُصْلِحْ لَكُمُۥٓ أَعْمَٰلَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْۖ وَمَنْ يُّطِعِ اِ۬للَّهَ وَرَسُولَهُۥ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماًۖ (.

       أما بعد عباد الله: يَزْخَرُ تاريخ الأمة المغربية بالكثير من الذكريات الخالدة والأحداث المجيدة التي تؤرخ لِمَحطَّاتٍ بارزةٍ في تاريخنا المعاصر، ومن هذه الذكرياتِ ذكرى ثورة الملك والشعب التي تحلُّ بنا في العشرين من شهر غشت، وذكرى عيد الشباب المجيد التي يُخَلِّدها المغاربةُ في الواحد والعشرين من شهر غشت من كل سنة.

          أَيُّهَا المسلمون والمسلمات: إن الإنسان العاقل يَبْنِي حَاضِرَه ومُستقبله انطلاقا من الدروس التي يستفيدها من تاريخ بلاده، فبالرجوع إلى التاريخ نتفادى الوقوع في الأخطاء مرتين، ومبدأُ المسلمِ بَيَّنَهُ لنا المصطفى ﷺ في الحديث الذي رواه أبو هريرة – رضي الله عنه – عن النبي ﷺ أنه قال: ) لا يُلْدَغُ المُؤْمِنُ مِن جُحْرٍ واحِدٍ مَرَّتَيْنِ( صحيح البخاري، فالإنسان الذي لا عِلم له بتاريخ بلاده، ولا وَعْيَ له بِمَغزى الأحداث التي وقعت فيه، قد يُلدَغ منْ جُحْرٍ مرارا وتكرارا.

          أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ والمؤمنات: إنَّ ثورةَ الملك والشعب والتي كانت يوم 20 غشت من سنة 1953م، دفع فيها آباؤُنا وأجدادُنا الغالي والنفيس تحت قيادة أبِ المغاربة محمد الخامس - طيب الله ثراه -، للوقوفِ في وجه الاستعمارِ الصَّلِيبي الذي استنـزف خيرات البلاد وأَذَلَّ العباد، بلْ وامتدَّتْ يدهُ الأثيمةُ إلى رمز البلاد جلالة المغفور له محمد الخامس - طيب الله ثراه -، فَنَفاهُ وأسرتَه بعيدا ظنًّا منه أنه بذلك سيخلو له الجوُّ، ويفعل بالمغرب ما يحلو له.

          عباد الله: مَا إنْ عَمَّ خبرُ نَفْيِ الملكِ محمدٍ الخامس وأسرتِه الشريفة ربوعَ المملكة وشاعَ في كل أرجائها، حتى انتفضَ الشعب المغربي انتفاضةً عارمةً وتفجَّرَ غضبه في وجه الاحتلال الأجنبي، حيثُ بدأت بوادرُ الجهاد تتنظم وتشكلتْ خلايا المقاومةِ الفدائيةِ والتنظيماتِ السرية وانطلقتِ العملياتُ البطوليةُ لضرب الاِحتلال وإفشالِ مصالحه وأهدافه؛ وتجلى ذلك واضحا في عزم المغاربة وإصرارِهم على النضال المُستَمِيتِ من أجل عودة الشرعية وإعلان الاستقلال، فجاء الحقُّ وزهقَ الباطل وانتصرتْ إرادةُ الأُمَّةِ الحقَّةِ على باطل المبطلين، فرجع محمدٌ الخامس - رحمه الله - يحملُ البُشرى مخاطبًا شعبهُ بقول الله تعالى في سورة فاطر: )وَقَالُواْ اُ۬لْحَمْدُ لِلهِ اِ۬لذِےٓ أَذْهَبَ عَنَّا اَ۬لْحَزَنَ إِنَّ رَبَّنَا لَغَفُورٞ شَكُورٌۖ ( الآية: 34.

أيها الإخوة المؤمنون: إنَّ ثورةَ الملك والشعب حقَّقَتْ أَمَلَ الأُمَّةِ المغربية قاطبةً في عودة الملكِ محمدِ الخامس - طيب الله ثراه - إلى عرشِهِ ووطنه وشعبه، وفي تحقيقِ استقلال المغرب النهائي؛ ولهذا يُخَلِّدُ المغاربةُ في كل سنة هذه الذكرى الغاليةِ تَرَحُّمًا - أولا - على شهداءِ ثورته الاستقلالية، وثانيا تَذَكُّرًا لِجهادِ الآباء والأجداد وملاحِمِهِمُ البطوليةِ، وعلى رأسهم الملكُ محمدٌ الخامسُ ووراثُ سِرِّهِ من بعده – آنذاك- الملكِ الحسنِ الثاني – رحمهما الله -، وثالثا من أجل مُواصلةِ الثورةِ الإنمائيةِ لِوَطَنِنَا الحبيب في مختلف الميادين العلمية والثقافية والعمرانية والاقتصادية والاجتماعية، تحتَ قِيادة مَلِكِنَا الهُمامِ الملكِ محمدٍ السادس – حفظه الله-.

فاللهم آمِنَّا في وَطَنِنَا وَجَنِّبْنَا الفِتَنَ ما ظهر منها وما بطن، نفعني الله وإياكم بالقرآن المبين وبحديث سيد الأولين والآخرين، وغفر لي ولكم ولِجميع المسلمين، آمين، والحمد لله رب العالمين.


الخطبة الثانية:

          الحمد لله ربِّ العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله صلى الله وسلم عليه وعلى آله وصحبه، وعلى التابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.

           أما بعد، عباد الله: إنَّ منَ الذكريات الوطنية التي سَتَحُلُّ بنا في اليوم الموالي لذكرى ثورة الملك والشعب – الواحد والعشرين من شهر غشت - ذكرى عيد الشباب المجيد، وهي فرصة طيبة يُعَبِّرُ فيها كل مواطنٍ ومواطنةٍ عن سروره وابتهاجه بذكرى ميلاد الملك محمدٍ السادس – نصره الله وأيده -، ومناسبةٌ - أيضا- للاحتفالِ بالشباب الذي هو عمادُ الأمةِ المغربية، وعليهِ المُعَوَّلُ لتحقيق التطور والتقدم والاِزدِهارِ لهذا البلد الحبيب.

          أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ والمؤمنات: إنَّ فترةَ الشبابِ فترةُ القوة والإنتاج، وهي أفضلُ وأطولُ مراحل العُمُرِ؛ فعليكم معاشر الشبابِ بالجد المتواصل والعطاء المستمر في العلم والعمل والتمسك بكلِّ ما من شأنه أن يحقق لبلدنا المزيدَ من التقدم والرخاء والازدهار في كل المجالات، وتذكروا على الدوام الحديثَ الذي أخرجه الترمذي والدَّارمي – باختلاف يسير – عن أبي بَرْزَةَ الأسلميَّ قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: ) لا تزولُ قدَما عبدٍ يومَ القيامةِ حتَّى يُسألَ عن عمرِهِ فيما أفناهُ، وعن عِلمِهِ فيمَ فعلَ، وعن مالِهِ مِنْ أينَ اكتسبَهُ وفيمَ أنفقَهُ، وعن جسمِهِ فيمَ أبلاهُ(.

       فاللهم ثبّتْنا على دينك وأعِنَّا على طاعتك وطاعةِ نبيِّكَ... اللهم لك الحمد حتى ترضى ولك الحمد إذا رضيت ولك الحمد بعد الرضى ولك الحمد على كل حال.. اللهم إنا نحمد ونشكرك أن جعلتنا من عبادك المسلمبن الموحدين، وجعلتنا من أمة سيدنا محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم...

       اللهم صلِّ على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد كما صليت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم، وبارك اللهم على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد كما باركت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم في العالمين إنك حميد مجيد...وارضَ اللهم عن الخلفاء الراشدين المهديين أبي بكر وعمر وعثمان وعلي وعن الصحابة والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

اللهم وفق عاهل المغرب الملك محمد السادس إلى ما تحب وترضى وارزقه البطانة الصالحة المصلحة التي تعينه على ما كلفته به من أمور المسلمين وأَرِهِ الحق حقا وارزقه اتباعه وأَرِه الباطل باطلا وارزقه اجتنابه، وشُدَّ أزره بولي عهده المولى الحسن وبأخيه المولى الرشيد.

وارْحَمِ اللهم المَلِكَيْنِ المُجاهدين عبدَك الملكَ محمدا الخامس وعبدك الملكَ الحسن الثاني، اللهم طَيِّبْ ثَراهما واغفِرْ لهما، وارْحمِ اللهم كل آبائنا وأجدادنا الذين ضَحَّوْا بأرواحهم وأموالهم فداءً لتحريرِ هذا الوطن.

اللهم اجعل بلدنا هذا بلدًا رخاءً آمنًا من كل سوء وكيدٍ وكلَّ بلادِ المسلمين، وانصر اللهم الإسلام والمسلمين في كل مكان يارب العالمين.

اللهم أصلح أطفالنا وشبابنا وشيوخنا ورجالنا ونساءنا وأساتذتنا وعلماءنا وقضاتنا وكلَّ من وليته أمرا من أمور المسلمين واهدنا جميعا إلى طريق الخير والفلاح والصلاح....

اللهم مَنْ كان من الحاضرين  له طلبٌ فاقْضِهِ له .. ومن كان مريضا فاشْفِهِ .. ومن كان مبتلىً فَعَافِهِ .. ومن كان مدينًا فاقضِ عنه دينه...

اللهم ارحمْ موتانا وموتى المسلمين وألحقنا بهم مسلمين موحدين يا أرحم الراحمين يا رب العالمين... ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين.. ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقِنا عذاب النار... سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين.

كتب الخطبة العبد الفقير إلى الله الأستاذ لعبيد محمد ياسين، خطيب مسجد الرضى بفاس وأستاذ مادة التربية الإسلامية للثانوي التأهيلي، وذلك يومه الأربعاء 29 محرم 1445ه الموافق 16 غشت  2023م.

تعليقات

التنقل السريع